عنوان: محمد المحسن يكتب لكم : “جمال خاشقجي.. نَم هانئا.. فالكتاب الأفذاذ لا يموتون”
حلقة الوصل : محمد المحسن يكتب لكم : “جمال خاشقجي.. نَم هانئا.. فالكتاب الأفذاذ لا يموتون”
محمد المحسن يكتب لكم : “جمال خاشقجي.. نَم هانئا.. فالكتاب الأفذاذ لا يموتون”
كتب محمد المحسن
الإهداء:إلى -الصحفي اللامع-جمال خاشقجي في “رحيله” الشامخ.
“العبرات كبيرة وحارة تنحدر على خدودنا النحاسية..العبرات كبيرة وحارة تنحدر إلى قلوبنا”(ناظم حكمت)
“أبدا لن يموت شيء مني..وسأبقى ممجدا على الأرض ما ظلّ يتنفّس فيها صحفي واحد”( الكسندر بوشكين-بتصرف طفيف)
اقتادتك -تركيا-من يد روحك إلى فردوس الطمأنينة،بل ربما إلى النقيض.
ولكن..جملة الأقلام العظام يولدون مصادفة في الزّمن الخطإ،ويرحلون كومضة في الفجر،كنقطة دم،ثم يومضون في الليل كشهاب على عتبات البحر..
جمال:أوقعتك القافلة سهوا عنك،سهوا عنّا ومضيت قُبيل تحقيق أمانيك اللطاف دون وداع،فحين إكتفى معظم الصحافيين والقراء ممن لامست مقالاتك المتوهجة شغاف قلوبهم برثائك،والترحّم على رحيلك بدموع حارقة..
الصحفي السعودي الفذ:منذ رحيلك وأنا أحاول مجاهدا تطويع اللغة،ووضعها في سياقها الموازي للصدمة..للحدث الجلل..إننّي مواجه بهذا الإستعصاء،بهذا الشلل الداخلي لقول الكلمات الموازية،أو المقاربة لرحيل القمر والدخول في المحاق..
ولكن الدّمع ينهمر نزيفا كلّما انبجس بيت من شقوق المقال..
ماذا تعني كلمات أو مفردات:منكوب أو مفجوع أو مدمّى أو منكسر؟
لا شيء..سوى الفراغ الذي كنت تملأه فيما مضى.يتسع بك ويضاء بالبهاء الإنساني والغنى الروحي الحزين جراء فساد العالم وخرابه..فساد الحكام العرب حفاة الضمير..
المقالات الفذة والصرخة الإحتجاجية التي تخترق في عنفوانها سجوف الصّمت،وتواجه بشموخ الإنحدار الرعوي وصلف الجلادين..
الآن بعد رحيلك-القَدَري-أعيد النظر في مفاهيم كثيرة،ربما كانت بالأمس قناعات راسخة،الآن يبدو المشهد الإعلامي العربي كأنّه مهزلة وجودية مفرغة من أي معنى سوى الألم والدموع..
أيّها الصحفي المسافر عبر الغيوم الماطرة:لقد احتمى إسمك بالوجدان العربي حزنا صامتا عميقا سنظلّ نتوارثه جيلا بعد جيل..ونحلم بولادة كتاب أفذاذ في حجم شموخك..
هذا الحلم ما يفتأ يعاود الظهور في كلّ مرّة تصبح فيه الكرامة العربية مجرّد ذكرى،وتصبح الشعوب العربية مثل الهوام لا أمل ولا فرح ولا نسمة تهبّ من جداول الإبداع..وطوبى للحزانى لأنّهم عند الله يتعزّون.
جمال:الزّمان الغض،المضاء بشموس النصر والتحدي.الزمان المفعم بإشراقات المقال،ما قبل إدراك الخديعة،بغتة الصدمة وضربة الأقدار..
الكون الحزين يرثيك.فرحة هي النوارس بمغادرتك عالم البشر إلى الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين..
أنت الآن في رحاب الله بمنأى عن عالم الغبار والقتلة وشذّاذ الآفاق،والتردّي إلى مسوخية ما قبل الحيوان.
والسؤال:
هل كان- الحمام السعودي- يعبّر بهديله عن رغبته في اختطافك إلى الفضاءات النقية لتكون واحدا من-قبيلته-بعيدا عن الأرض الموبوءة بالإنسان الذي تحوّل إلى وحش ينتشي بنهش الجثث،قاتل للحمام والبشر،معيدا سيرة أجداده القدامى منذ قابيل وهابيل حتى الآن؟ !
نائم هناك على التخوم الأبدية،وروحك تعلو في الضياء الأثيري،طائرا أو سمكة أو سحابة أو لحنا في موسيقى.لقد غادرت المهزلة الكونية للعبور البشري فوق سطح الأرض.
في الزمان الحُلمي،كما في رؤيا سريالية،سأحملك على محفة من الريحان،بعد تطهيرك بمياه الوديان،من مصبات الأنهار والمنحدرات الصخرية بإتجاه البحر..سيسألني العابرون :إلى أين؟
في السماء نجمة أهتدي بها.أعرفها.تشير دوما إلى القدس.أنت أشرت إليها ذات غسق وهي الآن فوق-اسطمبول -تكشف المستور بلمعانها المميز عن بقية الكواكب.وهي تشير كذلك إلى المرقد والمغيب فوق أفق البحر في أواخر المساءات.أحملك نحوها لتغطيك وتحميك بنورها الأسطوري لتدخل في ذرّاتها وخلودها الضوئي..
قبل هذا الإحتفال الأخير سأطوف بك حول-أحياء الفقراء والمظلومين وأماكن الصحفيين والكتاب ممن تلاحقهم المخابرات-تلك الأحياء التي أحببتها،معقل الصامدين الذين يكتبون بحبر الروح ودم القصيدة،حيث يرثيك أهلك و-مريدوك-وكذا خطيبتك خديجة بدمع حارق يحزّ شغاف القلب..
يسألني العابرون أو أسأل نفسي:هل محاولة إستعادة نبض الحياة الماضية يخفّف من وطأة صدمة الموت؟..لا أعرف شيئا..
حين يأتي المساء الرّباني سنلتئم تحت خيمة عربية مفعهمة بعطر الشعر.نشعل النيران في فجوات الصخور اتقاء للرّيح،ونبدأ الإحتفال في لحظة بزوغ القمر فوق قبر مجهول..
أما أنتم-يا أيها الصحفيون والمبدعون وحملة الأقلام هنا..أو هناك -:إذا رأيتم-الكاتب الفذ جمال خاشقجي-مسجى فوق سرير الغمام فلا توقظوه،إسألوا الصاعقة التي شقّت الصخرة إلى نصفين لا يلتحمان..إسألوا”المنشار” الذي قطّع جسده إلى نصفين..!!
إذا رأيتم-نجما-ساطعا في الصمت الأبدي فلا تعكرّوا لمعانه بالكلمات.
اسكبوا دمعة سخيّة على جبينه الوضّاء ،دمعة في لون اللؤلؤ،واكتموا الصرخة المدوية كالرعد في كهوف الرّوح..
وأخيرا إذا رأيتم المغنّي الجوّال حاملا قيثارته،افسحوا له مجالا في الدروب لينشد أغنية الوداع للنجم الآفل..
تقول الأغنية:
هناك كثيرون أمثالك..أعلّوا وشادوا..
وفي كل حال أجادوا..
وأنت أنجزت كل الذي في يديك..
وما عرف المستحيل الطريق إليك..
لأنّك تؤمن أنّ الخطى إن تلاقت قليلا..
ستصبح جيشا وصبحا نبيلا..
وأنت ككل الذين أرادوا لوجه الحياة رداء جميلا..
تمنيت أن ينبلجَ الصبح من مقلتيك..
فعلت الذي كان حتما عليك..
ومن كان حتما على الكتاب..جيلا فجيلا..
*ملحوظة:كاتب هذه السطور على يقين بأن الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي في عداد الموتى..الستارة ستنسدل قريبا على مسرحية حيكت فصولها بمكر ودهاء وسينكشف ويتعرى المستور..
لست أحلم لكنه الإيمان الأكثر دقة في لحظات التاريخ السوداء من حسابات البلاط الملكي السعودي..
المصدر: الصريح
TH1NEWS
وهكذا المادة محمد المحسن يكتب لكم : “جمال خاشقجي.. نَم هانئا.. فالكتاب الأفذاذ لا يموتون”
كنت تقرأ الآن المقال محمد المحسن يكتب لكم : “جمال خاشقجي.. نَم هانئا.. فالكتاب الأفذاذ لا يموتون” عنوان الرابط https://generalsdaily.blogspot.com/2018/10/blog-post_2890.html
0 Response to "محمد المحسن يكتب لكم : “جمال خاشقجي.. نَم هانئا.. فالكتاب الأفذاذ لا يموتون”"
إرسال تعليق